مع إرتفاع حماوة التصريحات حول القمة العربية الاقتصادية وانعقادها في بيروت خلال اسبوع ونيف، اتخذت الامور منحى غير "صحي" بعد تحويلها من قبل البعض الى قضية شيعية- مسيحية وقضية خلافية بين حركة امل والتيار الوطني الحر ومحط سجال بين الرئاستين الاولى والثانية.
وإزاء هذه الاجواء تسارعت التطورات امس مع بدء العد العكسي لانهاء التحضيرات من قبل اللجنة المنظمة وهي التابعة لدوائر القصر الجمهوري والتي دخلت في بيانها امس ايضاً على خط "الرد" على تصريحات رئيس مجلس النواب نبيه بري ونواب ووزراء وكوادر حركة امل ووسائل اعلامها. وحاولت اللجنة وفق اوساط سياسية في 8 آذار تأكيد امر موافقة وعلم الرئيس بري في حضور الوفد الليبي وحاولت الغمز من تصريحات الرئيس بري الصادرة امس وهو الامر الذي دفع مكتب بري الى توضيحه سريعاً عبر نفي كل ما جاء في بيان اللجنة جملة وتفصيلاً.
وتؤكد الاوساط ان قضية هنيبعل القذافي ليست مفصولة عن قضية حضور ليبيا في قمة بيروت وليست مفصولة عن قضية تغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه. فقضية تغييب الامام الصدر ليست قضية شيعية او اسلامية بل قضية وطنية تعني الجميع ومنذ اكثر من ثلاثة عقود وتدخل قضية كشف مصير الامام ورفيقيه في البيانات الوزارية لكل حكومات ما بعد الطائف. والعلاقة الكاملة والتطبيع مع النظام الليبي السابق مقطوعة وغير ممكنة قبل كشف مصير الصدر وهذه الاستحالة مستمرة مع حكومة ما بعد الرئيس الليبي السابق معمر القذافي والتي لم تتعاون مع السلطات القضائية والسياسية اللبنانية بشكل يحترم ويليق بقضية الصدر.
وتكشف الاوساط ان فتح قضية توقيف هنيبعل القذافي بالتزامن مع دعوة ليبيا الى حضور قمة بيروت وهي دعوة مرفوضة كلياً من حركة امل ومن المجلس الشيعي الاعلى ومرفوضة من حزب الله وكل احزاب 8 آذار، يقف وراءها من يريد ان يبتز القضاء وجمهور واسع من اللبنانيين بتحرير القذافي رغم موجبات توقيفه وجريمة اخفاء معلومات عن خطف الصدر والضغط لحضور ليبيا القمة والتي ستشكل ازمة كبيرة ان حصلت على المستوى الداخلي وعلى مستوى الجمهور اللبناني والشيعي والذي يعتبر ان قضية الصدر قضية كل لبناني.
وتشير الاوساط الى ان حضور ليبيا القمة رغم رفض وجودها سيسبب مشكلاً لبنانياً داخلياً ويعقد القمة ويهدد انعقادها وفي ظل تلويح حركة امل بالتظاهر منعاً لوصول الوفد الليبي من المطار الى مكان انعقاد القمة.
في المقابل تؤكد الاوساط ان الجزء الآخر من مشكلة الاعتراض على القمة هو عدم دعوة سوريا والضرر الكبير الذي سيسببه غياب دمشق عن قمة هي معنية فيها كما سيؤثر على مستوى حضور الدول المشاركة والتي ستأتي هزيلة وليست على مستوى التطلعات. وتؤكد الاوساط ايضاً ان المطالبة بحضور سوريا ليست قضية شيعية و مذهبية بل هي قضية وطنية تمس جوهر العلاقة الاخوية بين البلدين واللذين تربطهما علاقة جغرافية وسياسية وطبيعية واستراتيجية ودبلوماسية فالعلاقة الكاملة والجيدة مع سوريا مصلحة للطرفين وللبنان اكثر.
وتكشف الاوساط ان طرح الرئيس بري بتأجيل القمة لشهرين والى ما بعد قمة تونس العربية في آذار المقبل وفي انتظار عودة سوريا الى الجامعة العربية، هو طرح قيد التداول ووعلى بساط البحث الداخلي ولايجاد مخرج لتأجيل القمة وتأمين مظلة اجماع على ذلك.
وتشير الاوساط ان لا مشكلة بين الرئيسين عون وبري وان السجال بين وزير العدل سليم جريصاتي والنائب علي بزي حول استمرار توقيف القذافي وإحالة جريصاتي الملف الى التفتيش القضائي هو سجال محصور بهذا الملف وان رفض انعقاد القمة بلا سوريا ورفض استقبال الوفد الليبي ليس موجهاً ضد عون ولا ضد العهد ولا ضد القمة من حيث المبدأ والتي لا نرفضها لكن انعقادها وخسائره اكبر بكثير من تأجيلها والغائها في ظل ما تقدم.
وتلفت الاوساط الى ان الاتصالات ستتكثف بين الافرقاء وبين الرؤساء الثلاثة لايجاد مخرج لهذا المأزق والذي قد يتحول الى كباش داخلي وسياسي بين الرئاسات من جهة وبين المؤسسات الطائفية والمذهبية لكل طرف.